العوامل المؤثرة فى النمو
العوامل المؤثرة فى النمو

 

الوراثة


تبدأ حياة الجنين باتحاد الخلية الذكرية بالخلية الانثوية , وذلك عندما يخترق الحيى المنوى الذكرى الغلاف الخارجى للبيضة الانثوية ويظل يمعن فى سيرة حتى تلتصق نواتة بنواة البيضة . وهكذا تنشأ البيضة المخصبة أو اللاقحة أو البذرة التى بها ومنها تبدأ حياة الجنين , أى انها تبدأ باتحاد الامشاج الذكرية والانثوية .

ناقلات الوراثة – المورثات :

تحتوى نواة الحيى المنوى الذكرى على 24 خيطا يشبة كل خيط منها خيط العقد أو المسبحة , ويحمل هذا الخيط , حبات صغيرة تسمى بالمورثات أو الجينات Genes وتحمل المورثات جميع الصفات الوراثية التى تحدد بعض صفات الكائن الحى , وتقوم كل موروثة بوظيفة خاصة بالنسبة لهذة الصفات الوراثية . وتسمى هذة الخيوط بالصبغيات أو الكروموسومات Chromosomes لأنها تمتص الالوان والاصباغ بسرعة فائقة وتحتوى نواة البيضة على 23 صبغيا , وبذلك تحتوى نواة البيضة المخصبة أو اللاقحة على 46 صبغيا أو 23 زوجا من الصبغيات نصفها من الاب والنصف الاخر من الام. ويختلف كل زوج من الصبغيات عن الزوج الاخر فى مميزاتة وشكلة وحجمة وغير ذلك من الصفات الاخرى .

المورثات السائدة والمورثات المتنحية :

حينما يلتصق الصبغى الذكرى بالصبغى الانثوى ليكونا معا زوجا من الصبغيات , تتناظر المورثات بحيث تقع كل مورثة من مورثات الصبغى الذكرى امام المورثة التى تناظرها من مورثات الصبغى الانثوى , وهما قد يعملان معا على تكوين صفة خاصة من الصفات الوراثية أو يعملان فى اتجاهين متضادين بالنسبة لهذة الصفة , فاذا كانتا متشابهتين فى تأثيرهما ظهرت تلك الصفة , وذلك حينما يتعادل التأثير المضاد للمورثتين , وإما أن تظهر تلك الصفة اذا ساد تأثير مورثة على تأثير المورثة الاخرى , وبذلك يكمن تأثير المورثة المتنحية , حتى تتاح لها الفرصة فى الاجيال التالية وفى افراد اخرين , وذلك حينما تناظرها مورثة تماثلها فى اتجاة تأثيرها , فيظهر أثرها وتظهر صفتها الوراثية , وهذا يفسر لنا بعض الصفات الوراثية التى تظهر فى الاجداد ثم تختفى فى الابناء ثم تعود لتظهر فى الاحفاد .

الصفات والجنس :

هذا وتختلف الصفات الوراثية بإختلاف الجنس ذكرأ أو أنثى ، فهى إما أن تكون متصلة به ، أو متأثرة بنوعه ، أو مقصورة عليه .
فعمى الألوان صفة تتصل بالذكور ويقل ظهورها فى الإناث ، وتدل الإحصائيات العلمية على أن 100% من الذكور يصابون بهذا المرض الوراثى ، وأن 1% من الإناث يصبن به . وتدل أيضا على أن هذه الصفة تظهر فى الأحفاد ولا تظهر فى الأبناء إلا نادراً جداً . وينتقل عمى الألوان من الأب إلى ابنته ولا تصاب به الأبنة بل يظل كامنا لديها حتى تنقله هى بدورها إلى ابنها ، وهنا يظهر عمى الألوان فى الحفيد .
والصلع الوراثى صفة تظهر فى الذكور وتنتحى حتى لا تظهر فىغلإناث ، أى أنه يتأثر بنوع الجنس .
والتغيرات الجسمية التى تطرأ على الأفراد عند البلوغ تظهر فى الفتى بصورة خاصة . وتظهر فى الفتاة بصورة أخرى ، أى أن لهذه التغيرات آثارا لا تظهر إلا فى الفتى وآثاراً أخرى لا تظهر إلا فى الفتاة. وترجع هذه التغيرات فى تباينها واختلافها إلى أفرازات الغدد
التناسلية وبعض الغدد الصماء الأخرى ، أى تأثير الهرمونات.

الوراثة والبيئة :

تتفاعل العوامل الوراثية المختلفة مع عوامل البيئة عضوية أو غذائية أو نفسية عقلية أو اجتماعية أو غير ذلك من الألوان المختلفة للبيئة فى تحديد صفات الفرد وفى تباين نموه ومسالك حياته ومستويات نضجه ومدى تكيفه وشذوذه .
وتختلف صفات الفرد اختلافاً بينياًَ فى مدى تأثرها بتلك العوامل المختلفة ، فالصفات التى لا تكاد تتأثر بالبيئة تسمى الصفات الوراثية الأصلية وأهمها لون العين ، ولون ونوع الشعر سبطاً كان أم جعداً ، ونوع الدم ، وهيئة الوجه ومعالمه ، وشكل الجسم .
والصفات التى تعتمد فى جوهرها على البيئة ولا تكاد تتأثر بالمورثات تسمى صفات مكتسبة ومن أهمها الخلق والمعايير الاجتماعية والقيم المرعية .
والصفات التى ترجع فى جوهرها إلى الوراثة وتتأثر بالبيئة تأثراً يتفاوت فى مداه بين الضعف والشدة ، تسمى صفات وراثية بيئية ، أو استعدادت فطرية تعتمد على البيئة فى نضجها وتتأثر بها فى قصورها وعجزها عن بلوغ هذا النضج ، ولعل أهم هذه الصفات هى لون البشرة ، وذلك لتفاوت تأثير أشعة الشمس فى هذا اللون كما يحدث عادة لمصطافين . والذكاء ، والمواهب العقلية المختلفة وسمات الشخصية والقدرة على التحصيل المدرسى.
هذا ، ويمكن اكتشاف الأثر النسبى لكل من الوراثة والبيئة فى نمو الأطفال وذلك بدراسة صفات التوأمين المتماثلين حينما يعيشان فى بيئة واحدة وحينما يعيش كل منهما فى بيئة تختلف عن بيئة أخرى ،وبما ان التوائم المتماثلة تنتج من تلقيح بيضة أنثوية واحدة بحى ذكرى واحد ، إذن تصبح الصفات الوراثية لكل توأمين من هولاء التوائم المتماثلة . فإذا عاش توئمان متماثلان فى بيئتين مختلفتين ظهر أثر البيئة فى التفرقة بينهما فى الصفات التى تتأثر بالبيئة . هذا ويمكن أيضاً إجراء مثل هذه التجربة على توأمين متماثلين أخريين يعيشان فى بيئة واحدة ، وعلى توأمين غير متماثلين يعيشان معاً فى بيئة واحدة . وهكذا قد نصل من مقارنة نتائج هذه التجارب إلى معرفة الأثر النسبى لكل من الوراثة والبيئة فى النمو ، ومدى اعتماد الصفات الجسمية والعقلية المختلفة على الوراثة من ناحية وعلى البيئة من ناحية أخرى .
وهكذا نرى أن النمو يكاد يتأثر فى بعض مظاهره تأثراً كلياً بالوراثة ثم تخف حده الوراثة فى بعض المظاهر الأخرى ، وتزداد أهمية البيئة ثم يبلغ أثر البيئة أشده فى مظاهر أخرى من مظاهر النمو . وبذلك فحياة الفرد فى تفاعل دائم مستمر بين الوراثة والبيئة ، ويصعب علينا أن نفصل بينهما فصلا حاداً قاطعاً ، ذلك لأن الوراثة لا توجد بمعزل تام عن البيئة ، فالمورثات التى تتآلف بعضها مع بعض وتنتظم على خيوط الصبغات تحيا فى بيئة تؤثر فيها وتتأثر بها بدرجات تتفاوت فى شدتها .

هدف الوراثة :

تعمل الوراثة على المحافظة على الصفات العامة للنوع ، وذلك بنقل هذه الصفات من جيل لآخر ، فالإنسان لا يلد إلا إنساناً ، والفأر لا يلد إلا فأراً .
وتعمل الوراثة أيضاً على المحافظة على الصفات العامة لكل سلالات النوع وبذلك يختلف سكان القطب الشمالى عن سكان خط الأستواء فى الشكل واللون وغير ذلك من الصفات .
وتستطرد الوراثة فى أثرها حتى تقارب بين الوالدين والأبناء فى صفاتهما الوراثية ، حتى ذهب الناس فى أمثلتهم المأثورة إلى القول بأن " الولد سر أبيه " وبأن " ما شابه أباه فما ظلم " هذا وتدل نتائج الأبحاث العلمية على أن الطفل يرث نصف صفاته الوراثية من والديه. وأن بعض صفات الأب قد تتغلب على بعض صفات الأم ، أو أن بعض صفات الأم قد تتغلب على بعض صفات الأب . وأيا كان أثر الأب والأم فى صفات الطفل فإن المجموع النهائى لأثرهما معا يساوى نصف الصفات التى يرثها الطفل عامة . ويرث الطفل ربع صفاته الوراثية من أجداده المباشرين .
وتهدف الوراثة من زواية أخرى إلى المحافظة على الأتزان القائم فى حياة النوع عامة وحياة الأفراد خاصة . فهى كما تعمل على المحافظة على الصفات العامة للنوع والسلالة والأجيال ، تعمل أيضاً على الأحتفاظ بالحياة الوسطى المتزنة ، فالوالدان الطويلان ينجبان أطفالاً طوالاً ، لكن متوسط طول الأطفال لا يساوى متوسط طول الوالدين بل ينقص عنه بمقدار صغير . والوالدان القصيران ينجبان أطفالاً قصاراً ، لكن متوسط قصر الأطفال لا يساوى متوسط قصر الوالدين بل يزيد عنه بمقدار صغير . هذا ويستطرد أثر هذه الظاهرة حتى يشمل جميع الصفات الوراثية ، حتى العقلية منها . ويرجع الفضل إلى جولتون F.Galton فى الكشف عن هذه الظاهرة الغريبة المسماه بالأنحدار Regression .

ولهذا كانت نسبة الضعف العقلى ونسبة العبقرية نسبة صغيرة فى كل تعداد عام للسكان ، وذلك لأن النسبة الغالبة هى نسبة المتوسطين فى جميع الصفات .

فالوراثة بهذا المعنى عامل من أهم عوامل النمو لأنها تؤثر على صفاته ومظاهره من حيث نوعها ومداها وزيادتها ونقصانها وسرعتها ونضجها وقصورها عن بلوغ هذا النضج .
هذا ، وتختلف سرعة النمو باختلاف نسب الذكاء ، فالأذكياء ينمون أسرع من الأغبياء . وكذلك تختلف سرعة النمو بأختلاف الجنس ، فللأناث سرعة خاصة فى نموهن . تختلف فى جوهرها عن سرعة الذكور . والذكاء والجنس صفات وراثية . وبذلك تؤثر الوراثة على النمو بطريق غير مباشر خلال هاتين الصفتين .

ومن هنا نرى أن الوراثة لا تصل إلى مداها الصحيح إلا فى البيئة المناسبة لها . من أجل ذلك كان المربين أن يهيئوا للفرد العوامل المساعدة على ظهور خواصه الوراثية .

 

 

 

الهرمونات


الهرمونات هى إفرازات الغدد الصماء . والغدد أعضاء داخلية فى الجسم . هذا وتتكون الأعضاء من أنسجة ، وتتكون الأنسجة بدورها من خلايا هى الوحدات الأولى للجسم الحى ،ومن أمثلتها الخلايا العصبية والخلايا العضلية والخلايا العظمية .

وتتلخص وظيفة الغدد فى تكوين مركبات كيميائية خاصة ، يحتاج إليها الجسم بأعضائه الأخرى المختلفة ، فهى بهذا المعنى تشبه المعامل الكيمائية .
وتنقسم الغدد إلى نوعين رئيسيين :
1- غدد قنوية .
2- غدد صماء .
فأما القنوية فهى التى تجمع موادها الأولية من الدم حين مروره بها ، وتخلط هذه المواد ثم تفرزها خلال قنواتها ، كما تفعل الغدد الدمعية ، إذ تجمع من الدم الماء وبعض الأملاح المعدنية ثم تخلطهما لتتكون من ذلك كله الدموع .
وأما الغدد الصماء فهى التى تجمع موادها الأولية من الدم مباشرة ثم تحولها إلى مواد كيمائية معقدة التركيب تسمى هرمونات ، ثم تصبها مباشرة فى الدم دون الاستعانة بقناة خاصة تسير فيها هذه الهرمونات

الغدد الصماء :

يحتوى جسم الإنسان على عدد من الغدد الصماء تنتشر فى النصف العلوى من الجسم بالترتيب التالى :
1- الغدد الصنوبرية : وتوجد بأعلى المخ ، وتضمر قبل البلوغ .
2- الغدد المخامية : وتوجد فى منتصف الرأس ، وتتدلى من السطح السفلى للمخ .
3- الغدد الدرقية : وتوجد بأسفل الرقبة أمام القصبة الهوائية .
4- جارات الدرقية : وهى أربعة فصوص تنتشر حول الغدة الدرقية .
5- الغدة التيموسية : وتوجد داخل تجويف الصدر ، فى الجزء العلوى وهى كالصنوبرية تضمر قبل البلوغ .
6- الغدة الكظرية : وتوجد على القطب العلوى للكلية .
7- الغدد التناسلية : الخصية فى الرجل ، والمبيض فى المرأة .

وظيفة هرمونات الغدد الصماء :

تسيطر الهرمونات على وظائف الأعضاء المختلفة ، وتتعاون معا على تحديد شكل الجسم وذلك بتأثيرها على نمو الجنيني وسيطرتها على تطوره ، وبتأثيرها فى تنظيم عملية تغذية الطفل ومدى استفادته من هذه التغذية . هذا ، والأختلال فى إفراز الهرمونات يؤدى إلى تغيير وتحول النمو عن مجراه الطبيعى ، فيقف فى بعض النواحى ، أو يزداد فى نواحى بطريقة أخرى تعرض حياة الفرد للمرض أو للفناء . وهى تنظم أيضاً النشاط الحيوى العام والنشاط الحيوى العام العقلى للكائن الحى .

هرمونات الغدة الصنوبرية :

لا تكاد الغدة الصنوبرية تزيد فى طولها عن 1 سم ، وفى عرضها عن 1/2 سم . وهى تضمر تماماً فى حجمها حين يبلغ عمر الفرد 17 سنة . هذا ، ويبدأ تكوينها فى حوالى الشهر الخامس من حياة الجنين .

ويختلف حجم هذه الغدة باختلاف أنواع الكائنات الحية المختلفة ، فهى نامية كبيرة عند الزواحف ، ولهذا يذهب بعض علماء الحياة إلى أنها من الأعضاء الأثرية التى بقيت عند الإنسان لتشير إلى الصلة التى تربطه ببقية الكائنات الحية وخاصة الزواحف الأرضية ، فهى توجد مثلا عند بعض الزواحف وخاصة أنواع الورل ، على هيئة عين ثالقة فى وسط رأسها وتسمى بالعين الصنوبرية .
وكان ديكارت Descartes الفيلسوف الفرنسى يعتقد أن هذه الغدة هى مهبط ومسكن الروح الإنسانية .

وأى اختلاف فى هرمونات هذه الغدة يؤدى بالطفل الصغير إلى نمو سريع لا يتناسب ومراحل حياته وسنى عمره . وتؤثر زيادة إفراز هذه الهرمونات على الغدة التناسلية فتثيرها وتنشطها قبل ميعادها ، وبذلك يصبح الطفل الذى لم يتجاوز الرابعة من عمره ، طفلا مراهقاً بالغاً ، وتظهر عليه الصفات الثانوية للبلوغ كخشونة الصوت وظهور الشعر فى الأماكن الجسمية المختلفة التى تدل على المراهقة . وهكذا قد يؤدى هذا الأختلال إلى موت الفرد .
وتدل الدراسات العلمية الحديثة على أن وظيفة هذه الهرمونات تتلخص فى سيطرتها على تعطيل الغدد التناسلية حتى لا تنشط قبل المراهقة ، أى أنها تعمل على المحافظة على إتزان حياة الفرد فى نموها خلال مراحلها المختلفة .
ولهذا فهى تضمر عند البلوغ ، أى عند انتهائها من إداء مهمتها الحيوية للفرد .

هرمون النمو :

يتكون الهرمون فى الفص الأمامى من الغدة النخامية . وتقع هذه الغدة كما أسلفنا فى منتصف الرأس حيث تتدلى من السطح الأسفل للمخ وتوجد فى جيب صغير فى إحدى عظام الجمجمة. ويبلغ وزنها حوالى نصف جرام . ويفرز الفص الأمامى حوالى 12 هرمونا ، ويفرز الفص الخلفى ما يزيد على نوعين من الهرمونات ، وهرمون النمو هو أحد هذه الأثنى عشر هرمونا التى يفرزها الفص الأمامى لهذه الغدة ، ويبدأ هذا الهرمون عمله منذ الشهور الأولى فى حياة الجنين .

ويتأثر النمو بأى نقص يصيب نسبة الهرمون فى الدم . وتختلف مظاهر النمو باختلاف هذا النقص ، وباختلاف المرحلة التى ينقص فيها فإن حدوث هذا النقص قبل البلوغ يسبب وقف نمو عظام الطفل فيصبح بذلك قزماً طول حياته لا يكاد يزيد طوله عن 50 سم. ويؤثر هذا النقص أيضا فى القوى العقلية والتناسلية فيضعفها .
وحدوث النقص قبل البلوغ يؤدى إلى السمنة المفرطة ، ويؤدى أيضاً إلى إنعدام القوى التناسلية .
ويتأثر النمو أيضا بأية زيادة تصيب نسبة هذا الهرمون فى الدم ، فإذا حدثت هذه الزيادة قبل البلوغ فإنها تؤدى إلى استمرار النمو حتى يصبح الطفل عملاقاً ، ولهذا يسمى هذا المرض باسم رمض العملقة . وتبدو مظاهره فى نمو الجذع والأطراف نمواً شاذاً ، كحالة القروى الذى وجد فى المستشفى الأميرى بالإسكندرية سنة 1955 حيث بلغ طوله حوالى 210 سم . وتؤدى هذه الزيادة إلى ضعف القوى العقلية والتناسلية .
وحدوث الزيادة بعد البلوغ يؤدى إلى تضخم الاطراف ونموها فى الاتجاة العرضى , والى تضخم عظام الفك السفلى , والى تشوه عظام اليد والوجة . وهذة كلها صفات المرض المعروف للطول العظام أو الاكبر ومجاليا .

هرمون الثيروكسين :

هرمون الثيروكسين (1) مركب يؤدى تكونه الغدة الدرقية (2) وهو يتكون ايضا بكميات كبيرة فى الكبد .ويتكون أيضا بإضافة اليود إلى اللبن ولعل السمك هو اغنى المصادر الحيوانية التى يعتمد عليها الجسم فى تكوين هذا الهرمون .
ويتأثر النمو بأى نقص يصيب نسبة الثروكسين فى الدم . فإن حدث هذا النقص قبل البلوغ فإن نمو الهيكل العظمى يقف فى الطول , لكن العظام تنمو فى العرض وتؤدى هذه الظاهرة الى السمنة الذائدة , وتاخر ظهور الأسنان .هذا ويؤدى نقص الثيروكسين إلى ضعف عقى وإلى تأخر المشى والكلام عند الطفل .

وإن حدث النقص بعد البلوغ فأن النسيج الضام الذى يوجد تحت الجلد يتضخم . وهذا يؤدى إلى أنتفاخ الوجة والأطراف, وسقوط الشعر , ويقل النبط أيضا , وتنقص درجة حرارة الجسم قليلا عن الدرجة العادية , ويعرف هذا المرض باسم مرض مكسيديما.
هذا, ويتأثر النمو أيضا بأية زيادة فى نسبة الثيروكسين . فإن حدث تلك الزيادة قبل البلوغ فإن الطفل ينمو نمو سريعا لا يتناسب وسرعته الطبيعية .
وإن حدثت هذه الزيادة بعد البلوغ فإن ذلك يؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم عن الدرجة العادية , ويؤدى أيضا الى ضعف القلب وجحوظ العينين وسرعة التنفس , وتتابع ضربات القلب , ويعرف هذا المرض باسم مرض جريفز . وهكذا يصبح المصاب ولة حساسية انفعالية شديدة , فهو بذلك كثير الاستفزاز قليل الاستقرار.
وإذا لم تكن النسبة الضرورية من اليود فى غذاء الأم الحامل ادى ذلك الى تضخم الغدة الدرقية عند الجنين وهكذا يولد بعض الأطفال وغددهم الدرقية متضخمة وغير قادرة على تكوين الثيروكسين . وإذا استمر نقص الثيروكسين فى غذاء الطفل بعد الولادة , ظهرت على الطفل الحلات المرضية التى اشرنا اليها من قبل , أما إذا احتوى غذاء الطفل على اليود , فإن تضخم الغدة الدرقية يزول , ثم تفرز الغدة النسبة الأزمة من الثيروكسين .
جارات الدرقية

تتكون من اربع فصوص , يقع كل زوج منها الى جوار فص من فصى الغدة الدرقية . وتقوم جارات الدرقية (2) بضبط مراقبة الكليسوم فى الدم . هذا وتتراوح النسبة العادية للكلسيوم فى الدم فيما بين 0010,0008 فى المائة , فإذا هبطت هذة النسبة الى 60000إو أقل شعر الفرد بصداع حاد وهبوط عام الم فى الاطراف . وقد يؤدى هذا النقصان إلى الشعور بالنقصان الى شعور بالضيق , وإلى البلادة والخمول , وقد يؤدى أحيانا إلى انفعالية حادة , تظهر فى صور مختلفة أهمها الميل الى المتقاتلة العنيفى , وتمزيق الملابس والصراخ الحاد المتواصل لاتفة الاسباب .

الغدة التيموسية :

توجد هذة الغدة فى الجزء العلوى من التجويف الصدرى وتتكون من فصين يقسمان التجويف الصدرى إلى قسمين متساوين (1) . وتضمر الغدة التيموسية عند البلوغ . ومازال العلم قاصرا عن معرفة سبب هذا الضمور وعن معرفة الوظيفة الحقيقية لهذة الغدة . ومهما يكن من أمر هذة الاراء فإن كل ما نعرفة عنها يتلخص فى إن مرضها قد يؤدى إلى تأخر ضمور الغدة الصنوبرية وهذة بدورها تؤثر فى النمو . ويرجع الفصل فى الكشف عن هذة الحقيقة إلى نتائج التجاوب والعمليات الجراحية التى قام بها بارك E.A .park ومكلير mclure E.D. . (2) وتدل الأبحاث الطبية الأخرى على أن الضعف الذى يصيب هذة الغدة يرتبط ارتباطا وثيقا بالضعف العقلى , وأن ضعفها قد يؤدى أيضا إلى تأخر المشى حتى حوالى السنة الرابعة والنصف من عمر الطفل (3) .هذا وقد يؤدى تضخمها إلى صعوبة التنفس , وتشبة أغراض هذا المرض أعراض. المرض المعروف باسم الربو , ومهما يكن من أمر هذة الغدة فكل ما نعرفة عنها لايكاد يتجاوز مستوى الفروض العلمية التى لم تثبت بعد ثبوتا قاطعا جازما لكن الحقيقة الثابتة من أمرها هى أنها تضمر ويتناقص حجمها ووزنها نضج الفرد .أى أنها لا تزدهر إلا فى المراحل الأولى من الحياة ,فهى إذن من المميزات التشريحية الرئيسية للطفولة . وهى بذلك تشبة فى عملها عمل الغدة الصنوبرية فى علاقتها بالغدة التناسلية وهكذا نرى أن النهاية العظمى للزيادة فى وزن الغدة التيموسية تبلغ أقصاها قبيل المراهقة ، ثم تضمر وتضمحل بعد ذلك .

هرمونات الغدة الكظرية :

توجد فى الجسم الأنسى غدتان كظريتان (1) وتقع .كل منهما على القطب العلوى للكلية ولهذا قد تسمى بالغدة فوق الكلوية بالنسبة لموضعها وتتكون كل غدة من قشرة خارجية ولب داخلى . (2) وتفرز القشرة هرمونات تختلف فى تكونيها الكيميائى ووظائفها عن الهرمونات التى يفرزها اللعب .
وتتكون إفرازات القشرة الكظرية من مجموعة من الهرمونات من مجموعات من الهرمونات تتصل من قريب بالهرمونات التناسلية ، وفيتثامين " د " وبالصفراء التى يفرزها الكبد ، وتؤثر هذه الهرمونات فى جميع هذه الأشياء وتؤثر أيضاً فى الفرد وتساعده على مواصلة بذل الجهد البدنى وعلى مقاومة العدوى .
ويتأثر الفرد بأى نقص يصيب نسبة هذه الهرمونات فى الدم، فتظهر عليه أعراض الأنيميا . وتفتر همته بعد أى مجهود بسيط يبذله ، ويفقد رغبته فى الطعام ، ويحس بضعف ينتاب القلب ، وباضطرابات معدية مختلفة ويتغير لون بشرته وتضعف قوته التناسلية ، ويعجز الفرد عن حل المشاكل العقلية البسيطة ، ويميل إلى العزلة ولا يجد فى نفسه الرغبة فى التعاون مع الآخرين . وهكذا ينتابه هبوط عام فى حيويته ، بمظاهره البدنية والعقلية والانفعالية والاجتماعية .

وإذا زادت نسبة هرمونات القشرة الكظرية فى الدم عن نسبتها الطبيعية ، تأثر النمو بهذه الزيادة وخاصة النمو الجنسى . ولقد ذكر هوسكين R.G.Hoskins وصفا لحالة طفل صغير زادت لديه إفرازات هذه الغدة فأثرت فى نمو أسنانه ، ونموه الجنسى وأختل بذلك توازنه العام ، فتأخر نموه العقلى ، وزادت حساسيته الانفعالية ، فأصبح يثور ويغضب لأتفه الأمور . فعندما بلغ عمره سنة واحدة ، كانت أسنانه نامية نمو الطفل البالغ من العمر 3 سنوات ، وكانت عظامه نامية نمو الطفل البالغ من العمر 5 سنوات ، وكان نضجه الجنسى يناسب نضج الفرد البالغ من العمر 12 سنة ، وهكذا تؤدى زيادة نسبة الهرمون فى الدم إلى تغيرات مختلفة تؤثر على شخصية الفرد تأثيراً حاداً عميقا.
وتتكون إفرازات اللب من هرمون خاص يعرف باسم الأدرنالين Adrenalin وهو أحد مشتقات التيروسين Tyrosine . أى أنه أحد الآحماض الأمينية الى تتكون منها البروتينات ( الزلاليات ) التى يعتمد عليها الإنسان فى غذائه .

وتتلخص وظيفة الأدرنالين فى مساعدة الفرد على مواجهة المواقف الشاذة التى تنطوى على خطر داهم يهدد كيانه ، والتى تحتاج تبعاً لذلك – إلى تفكير وحكم قوى مفاجىء وإلى سلوك ونزوع سريغ فيؤثر الأدرنالين فى الدم ويوجه نسبة كبيرة منه نحو المخ والنخاع الشوكى والعضلات ليساعد الفرد على التفكير القوى ، والنزوع السريع ، ويزيد نسبة السكر فى الدم حتى يؤدى إحتراق هذا السكر إلى زيادة الطاقة التى يستعين بها الفرد فى نشاطه القوى .

وتزادا تبعاً لذلك ضربات القلب . وتتلاحق حركات الرئتين فى سرعة غريبة كى تمد الفرد بما يحتاجه من الهواء اللازم لعملية الاحتراق . وانطلاق الطاقة : وهكذا يصبح الفرد قادراً على مواجهة ذلك الموقف الشاذ .

هذا ، ويتأثر نمو الفرد تأثراً جوهرياً بالأدرينالين ، فإذا بلغت نسبته فى الدم حدا عاليا ، وإذا ظلت هذه النسبة مرتفعة نتيجة لأى خلل يعترى لب الكظرية ، فإن ذلك يؤدى بدوره إلى شحوب اللون، والقشعريرة ، والغثيان ، ويؤدى أيضاً إلى حالات مرضية مختلفة ، تؤثر تأثيراً ضاراً على نمو الفرد .

الغدد التناسلية :

توجد فى كل فرد غدتان تناسليتان . وتختلف الغدد الذكرية عن الغدد الأنثوية فى مكانها التشريحى بالجسم فى وظائفها الأولية والثانوية ، وفى تأثيرها على شخصية الفرد .
وتؤثر هذه الغدد بهرموناتها المختلفة فى التفرقة بين الذكر والأنثى، ولهذه الفروق الجنسية ، أثر قوى فى سرعة النمو وفى تباين واختلاف مظاهره .
هذا ، وتنشأ الاختلافات الجنسية منذ اللحظة الأولى التى تتكون فيها البيضة المخصبة ، أى عندما تلتقى الصبغات الذكرية بالصبغات الأنثوية فى نواة البيضة . وتتميز البيضة بإنها تحتوى على صبغ خاص بالجنس يوجد دائماً بصورة واحدة نرمز لها بالرمز (س) . ويتميز الحيى المنوى بوجود صبغى خاص بالجنس يوجد أحياناً بصورة الصبغى الأنثوى ، ولذلك يرمز له بالرمز (س) ايضأ ، ويوجد أحيانا ً بصورة أخرى يرمز لها بالرمز (ص) . فإذا احتوت البيضة المخصبة على الصبغتين (س س) كان الجنين أنثى . وإذا أحتوت على الصبغتين (س ص) كان الجنين ذكرأ . وهكذا يتحدد نوع الجنس منذ اللحظة الأولى فى تكوين البيضة المخصبة ، وبذلك يسيطر الحى المنوى على نوع الجنس ، أى أن الجنس ذكر كان أن أنثر يرجع فى جوهره إلى الجل لا إلى المرأة . وإذا عرفنا أن عدد الحيوانات المنوية الذكرية فى نطفة يربو على 200,000,000 حيى ذكرى ، عرفنا بعد ذلك أن تحديد نوع المولود يرجع فى جوهره إلى الصدفة أو الاحتمالات التى يعجز العلم عن التنبؤ بها .

ويؤثر نشاط هذه الغدد بطريقة غير مباشرة وبوجه عام على النمو تبعاً لاختلاف جنس الفرد ذكراً كان أم أنثى . ويؤثر أيضاً على نشاط الجهاز العصبى وعلى عمليات الهضم والتمثيل وعلى نشاط الغدد الأخرى . كما يتأثر بهرمونات تلك الغدد كما سبق أن بينا ذلك فى تحليلنا للغدد النخامية والتيموسية والدرقية والكظرية وغيرها من الغدد الأخرى .

ويؤثر نشاط هذه الغدد بطريقة مباشرة على الصفات والمميزات الجنسية المختلفة للذكر والأنثى ، وتنقسم هذه الصفات إلى أولية وثانوية ، فأما الأولية فتتلخص فى شكل وظيفة الأعضاء التناسلية ،وفى مقدرة الفرد على التناسل ، وأما الثانوية فهى فى الأغلب والأعم تميز الرجل بضخامة تكوينه ، وبقوته عضلاته وبأتساع منكبيه ، وبضمور دره ، وبنمو شعر شاربه ولحيته ، وبعمق وخشونة صوته ، وبالمبادأة والجرأة ، وبالغلظة والشدة ، وبالسيطرة والسيادة ، وتتميز المرأة بنمو صدرها ، وبتجمع الدهن فى أماكن خاصة من جسمها حتى يكسبها مظهرأ خاصاً يميزها عن الرجل ، وبصوت ندى رنان ، وبالاستيحاء والرقة والخشوع .

هذا ، ويظل نشاط هذه الغدد كامناً حتى مرحلة المراهقة ، وعندئذ يبدأ نشاطها ، فتفرز هرموناتها فى الدم وتبدأ بذلك الصفات الجنسية الأولية والثانوية فى الظهور وتتخذ شخصية الفرد لنفسها مسالك جديدة . وضروباً متباينة مختلفة ، ويستمر النمو فى اطراده وتتابع مظاهره حتى يصل بالفرد إلى النضج والأكتمال .

وتتكون الغدد التناسلية الذكرية من نوعين من الخلايا . نوع يقوم بإفراز الحيى المنوى ، ونوع آخر يقع بين تلك الخلايا ويسمى لذلك بالخلايا المتخللة ويقوم بإفراز الهرمونات الذكرية .

وتسيطر هذه الهرمونات على نشاط وظهور الصفات الجنسية، أى أنها تؤثر على الخلايا الجنسية فتنشطها حتى تفرز النطفة الذكرية ، وتؤثر على الجسم كله حتى تفصح عن صفاته الجنسية الثانوية .

وتتكون الغدد التناسلية الأنثوية – أو المبيض – من قشرة خارجية ولب داخلى ، وتقوم القشرة بإفراز البيضة الأنثوية .

هذا ، وتفرز الغدد التناسلية الأنثوية نوعين من الهرمونات ، يسيطر النوع الأول منها على الصفات الجنسية الأولية والثانوية بما فى ذلك إفراز البيضة الأنثوية . وظهور الصفات الأنثوية الأخرى المميزة للمرأة ويسيطر النوع الثانى على تطور البيضة المخصبة فى نموها حتى تفرز غذاء الطفل بعد ولادته .

وهكذا يؤثر نشاط هذه الغدد التناسلية – ذكرية كانت أم أنثوية – فى شخصية الفرد ، وفى سلوكه النفسى ونواحى ومظاهر نموه . فاستئصالها يؤدى إلى ضمور الأعضاء التناسلية ، وإلى اختفاء المميزات الجنسية الأولية والثانوية .

واستئصال الغدد التناسلية الذكرية ، وغرس غدد تناسلية أنثوية مكانها يؤدى إلى ظهور الصفات الجنسية الأنثوية . واستئصال الغدد التناسلية الأنثوية وغرس غدد تناسلية ذكرية مكانها يؤدى إلى ظهور الصفات الجنسية الذكرية .

وحقن أو تعاطى خلاصتها الغدية أو هرموناتها يؤدى إلى أثبات نفس النتائج التى أسفرت عنها عمليات الغرس والأستئصال ، ولقد ظهر أنها تؤثر على الدورة الدموية وعمليات التحول الغذائى ، والجهاز العصبى ، علاوة على أثرها على الصفات الجنسية . على أن هذا التأثير ينعم أيضاً عن الحقن بخلاصة أنسجة حيوانية مختلفة لا الغدد التناسلية فحسب وتأثير هذه الخلاصة ، يختلف تبعاً لطريقة تحضيرها وحقنها . وليس من السهل إيجاد أثر الغدة على الجسم بعد الحقن بخلاصة غدية ، وخلاصة إذا كان العضو المحقون ليس دائم العمل ، أو يظهر نشاطه فى أوقات خاصة ، أو تحت ظروف بعينها ، وكان المطلوب إيجاد علاقة حسابية بين كمية المادة المحقونة وما تنتجه من أثر ، والواقع أن تجارب الحقن بخلاصة الغدد التناسلية تؤيد الحقيقة المؤكدة وهى أن هذه الغدد فى وظائفها الفسيولوجية توجه الاختلاف بين الجنسين ، وتؤكد الصفات الجنسية المتباينة والعمل الفسيولوجى لغدة تناسلية من جنس مغابر هو أنها تسبب زيادة نمو الصفات التناسلية للجنس الآخر .
التنسيق الوظيفى للهرمونات :

تؤثر الهرمونات منفردة ومتجمعة فى تنظيم الوظائف المختلفة للجسم الأنسانى ، ويؤكد كليجهورن R.A.Cleghorn أهمية إتزان الهرمونات وتناسق وظائفه فى تكييف الفرد جسمياً ونفسياً واجتماعياً بالنسبة للمواقف المختلفة التى تحيط به ، والبيئة التى تؤثر فيه ويؤثر هو بدوره فيها .

وهكذا ، يحيا الفرد فى إطار ضيق من هذ الاتزان الغدى فإن أختل التناسق ، أضطر تبعاً لذلك النمو ، واضطربت أيضاً شخصية الفرد ، وبذلك تقيم الهرمونات شبكة غير منظورة من العلاقات التى تتبع خطوطها الرئيسية من تلك الغدد الصماء وتتصل من قريب وبعيد بجميع أجهزة الإنسان وبنواحى حياته الواسعة العريضة .

 

 

 

 

الغذاء


أهميته النفسية :

للغذاء أهميته النفسية ، وذلك لأنه الدعامة الأولى التى تقوم عليها علاقة الطفل بأمه . إذ الأم هى المصدر الأول الذى يمتص منه الطفل غذاءه . ثم تتطور هذه العلاقة بعد ذلك على علاقات نفسية واجتماعية ويتأثر الطفل فى ميوله إلى بعض ألوان الطعام أو فى عزوفه عن البعض الآخر وكراهيته لها بالعادات الغذائية التى تسيطر على جو أسرته ، وبالمجتمع الذى يحيا فيه ، وبالثقافة التى تهيمن على نشأته الأولى وعلى مراحل نموه ، وهكذا تؤثر الفروق النفسية الاجتماعية العنصرية الدينية الجغرافية على اتجاهات الطفل نحو الألوان المختلفة للغذاء . وعلى تعصبه النفسى ، فالطفل الصغير والأنسان البدائى يترددان طويلاً قبل أن يمدا أيديهما إلى طعام لم يتعودا عليه ولم يريا عشيرتهما وذويهما يأكلانه من قبل .



وظائفه :

يتأثر نمو الفرد بنوع وكمية غذائه ، وتتلخص وظائف هذا الغذاء فى تزويد الجسم بالطاقة التى يحتاج إليها للقيام بنشاطه ، سواء كان هذا النشاط داخلياً أم خارجياً ، بدنياً أم نفسياً ، وفى إصلاح الخلايا التالفة وإعادة بنائها ، وفى تكوين خلايا جديدة ، وفى زيادة مناعة الجسم ضد بعض الأمراض ووقايته منها . هذا وتختلف أهمية كل وظيفة من هذه الوظائف تبعاً لأختلاف وتباين عمر الفرد ووزنه ، وطبيعة العمل الذى يقوم به وبذلك يختلف غذاء الكهل . ويختلف أيضاً غذاء الأفراد الذين يقومون بأعمال بدنية شاقة عن غذاء الذين يقومون بأعمال عقلية فكرية عن غذاء الذين حيون بأنفعالهم فى جو عاطفى قلق .
ولقد تواترت نتائج التجارب التى قام بها العلماء على أن أهم الموارد الغذائية التى يحتاج إليها الفرد فى نموه وفى محافظته على استمرار حياته ونشاطه وهى المواد الدهنية ، والسكرية والنشوية ، والزلالية ، وبعض الأملاح المعدنية ، والفيتامينات ، والماء .
ويعتمد الجسم على المواد الدهنية والسكرية والنشوية فى تزويده بالطاقة التى تساعد على حفظ درجة حرارته ، وعلى تادية وظائفه المختلفة . ويتعمد على المواد الزلالية فى تجدي بناء الخلايا الت تلفت . وفى بناء خلايا أخرى جديدة ، فمثلاً الخلايا التى تتكون منها الكرات الدموية الحمراء تتلف كل شهر تقريبا وتتحلل للترك الميدان لكرات أخرى جدية قوية . هذا وللأملاح المعدنية أهميتها البالغة فى تكوين بعض الخلايا . فتكوين العظام يعتمد على الأغذية التى تحتوى على الحديد، هذا، وتتلخص أهمية الفيتامينات فى أنها تساعد النمو بوجه عام، وتحول بين الفرد وبين الإصابة ببعض الأمراض كالكساح أو ضعف قوة الإبصار. أما الماء فهو الوسط الذى تحدث فيه التفاعلات والعمليات الكيميائية الحيوية كالهضم مثلا ، وغيره من العمليات الأخرى .

الاتزان الغذائى :

يخضع النمو فى جوهره إلى اتزان وتناسق المواد الغذائية المختلفة فى تأثيرها العام والخاص على الجسم الإنسانى . فالإفراط فى الاعتماد على نوع خاص من هذه المواد يؤدى إلى اختلال هذا الاتزان ، وبذلك يضار الفرد إذ يسلك به النمو مسالك شاذة غريبة ، فالمغالاة فى الاعتماد على الأغذية الفسفورية يؤثر تأثيراً ضاراً على الأغذية التى تحتوى على الكالسيوم والمغالاة فى الاعتماد على الأخيرة يؤثر أيضا تأثيراً ضاراً على الأولى . واعتدال الفرد فى غذائه بحيث يعطى لكل عنصر من هذين العنصرين نصيبه الصحيح من الأهمية يؤدى الجسم إلى الإفادة من كليهما ، والإكثار من المواد الدهنية يعطل عملية امتصاص القدر الكافى من الكالسيوم وخير للفرد أن يعتمد فى غذائه على أنواع مختلفة من أن يقتصر على أنواع قليلة محدودة .

وهكذا تتصل هذه المواد الغذائية من قريب وبعيد ، وتظل تمتد بآثارها المختلفة حتى تعيمن على حيوية الجسم ، فتنشىء لنفسها بذلك شبكة غذائية متعادلة القوى متزنة الأثر . ومثلها فى ذلك مثل الهرمونات فى تعادلها وإتزانها . هذا وتتصل الأغذية اتصالاً مباشراً بتلك الهرمونات ، فنقص اليود مثلاً من المواد الغذائية يؤثر على هرمون الغدة الدرقية ( الثيروكسين ) .وبذلك ينمو الفرد فى إطار ضيق محدود من الاتزان الغذائى والغدى .

 

 

 

 

البيئة الاجتماعية


كلما تنوعت خبرات الطفل وتعددت ألوان حياته ، ازدادت سرعة نموه تبعاً لذلك ، فهو فى طفولته النامية المتطورة أشد ما يكون حاجة إلى أن تتصل نفسه بضروب مختلفة من البيئات الاجتماعية المحيطة به . ولهذه البيئات أثرها القوى فى نموه. وسنعالج تلك الآثار بالتفصيل حينما نبحث النمو الاجتماعي للطفل فى الفصول المقبلة من هذا الكتاب وسنكتفى هنا بالإشارة إلى أثر الأسرة عامة والإخوة خاصة والثقافة القائمة فى سرعة النمو.

علاقة الطفل بأسرته :

حياتنا الاجتماعية علاقات غير منظورة تصلنا بالأفراد والجماعات والثقافة المحيطة بنا ، فنتأثر ونؤثر ونتفاعل ونتكيف مع كل هؤلاء.

فالطفل يتأثر بأمه وأبيه وإخوته وذويه ، ويؤثر أيضا فيهم، وهكذا تمتد هذه المؤثرات وتتصل لحمتها بسداها حتى تصبح نسيجاً نفسياً اجتماعيا يحيا الطفل فى إطاره .

والأسرة هى الوحدة الاجتماعية الأولى والبيئة الأساسية التى ترعى الفرد وهى لهذا تشتمل على أقوى المؤثرات التى توجه نمو طفولته . هذا وتكاد تبلغ طفولة الإنسان ثلث حياته كلها . ولعل طول مدة الطفولة يرجع فى جوهره إلى النظم الاجتماعية والاقتصادية التى تهيمن على حضارتنا القائمة .

وتبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية حيوية تربطة بأمه ، تقوم فى جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية وثقى ، ثم تتطور منها علاقات أولية أساسية تربط الطفل بأبيه وإخوته . ثم ما يلبت الطفل أن ينشىء لنفسه علاقات وسطى تصل بينه وبين زملائه وأصدقائه ، ثم يتصل بالمجتمع الواسع العريض الذى يحيا فيه فيقيم لنفسه علاقات ثانوية تربطه به .

وهكذا تترك كل علاقة من هذه العلاقات وكل جماعة من تلك الجماعات مهما كانت صورتها ، أثرها الواضح فى حياة كل فرد .

علاقة الطفل بإخوته:

يتأثر نمو الطفل بترتيبه الميلاد فى الأسرة، وبذلك تختلف سرعة نمو الطفل الأول عن سرعة نمو أخوته الآخرين، وذلك لأن الطفل الثانى يقلد أخاه الأكبر ، ويقلد الطفل الثالث الطفل الثانى والطفل الأول . وهكذا يسرع هذا التقليد بنمو الطفل الثانى والثالث . والتقليد فى الطفولة دعامة قوية من دعامات التعلم وكسب المهارات . فالنمو اللغوى مثلا يعتمد فى جوهره على تقليد الأطفال الصغار لذويهم ولأخوتهم الكبار فى أصواتهم وحركاتهم المعبرة .
والطفل الأخير الذى يولد بعد أن يكبر أخوته جميعاً يدلل من والديه ومن أخوته فيتأخر نضجه وتطول مدة طفولته وتبطؤ سرعة نموه فى بعض نواحيها .

والطفل الوحيد الذى يتصل بوالديه أتصالاً مباشراً قريبا فتؤثر هذا الصلة فى إدراكه وتفكيره وعملياته العقلية الأخرى ، تأثيراً إيجابياً فعالاً فتزداد لذلك سرعة نموه العقلى . لكن نفس هذه الصلة الوثيقة تؤثر من زواية أخرى تأثيراً سلبياً ضاراً فى النمو الحركى والبدنى للطفل ، ذلك لأن الأب والأم يساعدانه دائماً فى الأمور ، بل كثيراً ما يوفران عليه هذا الجهد ، فلا يجد نموه الحركى حافزاً قويا يدفعه نحو مستويات نضجه .

ولقد فطن العرب إلى أثر الترتيب الميلادى فى صفات وسمات الشخصية ، فمن الأنباء التى أستفاضت فى الأدب العربى أن الحارث بن عوف المرى قدم على أوس بن حارثه الطائىخاطباً فدخل أوس على زوجته ودعا ببنته الكبرى فقال لها : يا بنية هذا الحارث بن عوف سيد من سادات العرب قد جاءنى طالباً خاطباً وقد أردت أن أزوجك منه . فما تقولين ؟ قالت : لا أقبل . قال : ولماذا ؟ قالت : لأنى إمرأة فى وجهى ردة وفى خلقى بعض العهدة . ولست بأبنه عمه فيرعى رحمى . وليس بجارك فى البلد فيستحى منك ، ولا آمن أن يرى منى ما يكره فيطلقنى فيكون على وعليك من ذلك ما فيه . فصرفها ودعا ببنته الوسطى وعرض عليها ما عرضه على الكبرى فقالت : إنى خرقاء وليست بيدى صناعة ولا آمن أن يرى منى ما يكره فيطلقنى . فلما دعا بأختهما الصغرى قالت : ولكننى والله الجميلة وجهها ، الصناع يدأص ، الرفيعة خلقا الحسيبة أبا فإن طلقنى فلا أخلف الله عليه بخير .

علاقة الطفل بالثقافة :

يتصل الطفل بالثقافة التى تهيمن على حياة الأسرة وبالمجتمع الخارجى الكبير فيتأثر بهما ويؤثر فيهما . ويمتص منهما التقاليد والعرف ومعايير الخلق والحرمات والطقوس . بل والأساطير والخرافات ، وهكذا ينشأ الفرد وينمو من مهده إلى لحده فى حد إطار إجتماعى وثقافى ويؤثر فيه ويتفاعل معه ، ويرعى مسالك نموه وخطوات تطوره .
" وكما أن الفرد يولد داخل مجتمع ما ، فهو يولد أيضا داخل ثقافة خاصة وتشكله هذه الثقافة ، وهو بدوره يشكلها . فإنتاجه بناء لها مقوماتها إطار له ، وهى تؤثر فيه بطريقة مباشرة فى الأسرة والمدرسة ، وهو يسعى جاداً فى سعيه ليكيف نفسه للثقافة حينما يقلد ليتعلم الأساليب العامة للحياة التى يرتضيها لنفسه " .
" وبهذا فالثقافة نتاج المجتمع وأفراده ، والفرد يؤثر فى الثقافة الراهنة نتيجة تأثره بالتراث الثقافى الذى يهبط إليه خلال الأجيال الماضية . فالثقافة والمجتمع ظاهرتان مرتبطاتان متماسكتان أشد التماسك . فلكل ثقافة مجتمع بشرى ، ولكل مجتمع بشرى ثقافة تميزه ، فإذا محونا من أى محتمع ثقافته فإننا بذلك نكون قد سجلنا عنه بشريته وهبطنا به إلى مستوى الجماعات الحيوانية غير الإنسانية " .
" فالثقافة بهذا المعنى – هى محصلة التفاعل القائم بين الفرد والمجتمع والبيئة وهى ثمرة علاقة الفرد بالفرد وبالزمن والمكان والكون " .

أعمار الوالدين :

تتأثر حياة الفرد بأعمار والديه ، فالأطفال يولدون من زوجين شابين يختلفون عن الأطف6ال الذين يولدون من زوجيين جاوزا مرحلة الشباب إلى الشيخوخة .

وقد دلت الإبحاث التى قام بها ليجين Lejeune وتيرين R.Turpin على أن نسبة الأطفال الذكور تقل تبعاً لزيادة أعمار الوالدين ، وبذلك تزداد نسبة الأطفال الإناث تبعاً لتناقص نسبة الذكور . لكن الأبحاث الحديثة بدأت تلقى أضواء كثيرة من الشك على مدى صحة وعمومية هذه النتائج .
وأوضح بوجات P.Baujat أن الأطفال الذين يولدون من زوجين فى ريعان الشباب يعيشون أطول من الذين يولدون من زوجين يقتربان من مرحلة الشيخوخة . وبذلك فاحتمال زيادة مدى حياة الأبناء تقل تبعاً لزيادة الترتيب الميلادى للطفل ، أى أن مدى حياة الطفل الأول ، أكبر من حياة الطفل الأخير . وتؤكد هذه الأبحاث أن نسبة الأطفال المشوهين ، والمعتوهين تزداد تبعاً لزيادة عمر الأم وخاصة بعد سن الـ45 سنة .

 

 

 

 

العوامل الثانوية :


بحثنا فى صدر هذا الفصل أهم العوامل المؤثرة فى النمو بمظاهره الجسمية والنفسية والاجتماعية ولخصناها فى الوراثة ، والهرمونات ، والغذاء ، والبيئة الاجتماعية ، وأعمار الوالدين . وسنحاول الأن أن نبحث العوامل الثانوية التى تؤثر فى هذا النمو وهى : المرض والحوادث التى تصيب الحامل أو الطفل ، والانفعالات الحادة التى تؤثر تأثيراً ضاراً على النمو ، والولادة المبتسرة أو الولادة قبل الأوان ، والسلالة العنصرية ، والهواء النقى وأشعة الشمس .

1- المرض والحوادث:

تؤثر بعض الأمراض التى تصاب بها الأم أثنائها حملها على نمو الطفل . وقد دلت أبحاث L.W.Sontag على أن أصابة الأم بالملاريا واعتمادها على الكليتين أثناء علاجها ، قد يؤثر على الأذن الداخلية للجنين فيصاب الطفل بصمم كلى أو بصمم جزئى ، ويؤثر هذا الصمم بدوره على النمو اللغوى فيعطله أو يعوقه .
هذا ، وقد تؤدى الولادة العسرة إلى تشوه الجمجمة . فيؤخر هذا التشوه النمو العقلى أو قد يعوقه .

وتؤثر بعض الأمراض البدنية على النمو الانفعالي والاجتماعي ، فالطفل المصاب بالهيموفيليا Hemophila إذا نزف دمه فإنه لا يتجمد بل يظل يسيل حتى تخور قواه ويشرف على الهلاك ، فهو لذلك يخشى دائماً على حياته فيعيش قلقاً مضطرباً . ويبعد دائماً عن رفقائه حتى لا يصاب بأى جرح ما ، وهو يلعب معهم ، وبذلك تضييق دائرة تفاعله الاجتماعى ، ويتأخر نضجه .

2-الانفعالات الحادة :

يتأثر نمو الطفل بالانفعالات الحادة التى تهيمن على حياته . ولقد دلت أبحاث ويدوسن E.M.widowson التى أجراها على الأطفال الذين يعيشون فى ملاجىء اليتامى بألمانيا والذين تمتد أعمارهم من 4 إلى 14 سنة ، على أن الانفعالات القوية الحادة تؤخر سرعة نمو هؤلاء الأطفال تأخيراً واضحا جليا .

3- الولادة المبتسرة:

يولد بعض الأطفال ولادة مبتسر ، أى أنهم يولدون قبل أن تكتمل المدة الطبيعية للحمل . ولهذا تتأثر حياتهم وصحتهم وسرعة نموهم مدة حملهم . ولقد دلت أبحاث ستيز M.Steiner وبونرامث W.Poneramce على أن نسبة الوفيات بين الأطفال الرضع تتناسب عكسياً ومدة الحمل . فكلما نقصت هذه المدة زادت نسبة الوفيات ، وكلما زادت هذه المدة نقصت نسبت الوفيات . هذا وتتأثر الحواس عامة بهذه الولادة المبتسرة وخاصة حاسة البصر .

4 – السلالة :

تختلف سرعة النمو تبعاً لاختلاف نوع سلالة الطفل ، فنمو الطفل المصرى يختلف إلى حد ما عن نمو الطفل الصينى ، ويختل أيضاً عن نمو الطفل الأوربى ، وهكذا يتفوت النمو تبعاً لاختلاف السلالة الإنسانية التى ينتمى إليها الطفل . وتدل الأبحاث العلمية الحديثة على أن سرعة نمو أطفال شعوب البحر الأبيض المتوسط تفوق سرعة نمو أطفال شعوب شمال أوربا .

5- الهواء النقى وأشعة الشمس :


يتأثر النمو بدرجة نقاوة الهواء الذى يتنفسه الطفل فأطفال الريف والسواحل ينمون أسرع من أطفال المدن المزدحمة بالسكان. ولأشعة الشمس أثرها الفعال فى سرعة النمو وخاصة الأشعة فوق البنفسجية

 

 

 

 

الفئة: مقالاتي | أضاف: admin (2012-أغسطس-16)
مشاهده: 2351 | الترتيب: 5.0/1
مجموع التعليقات: 0
الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]